كثيرا ما ارتأيت أن أكتب عن واقع الشباب بموضوعية تتحدى كل عذر تمليه النفس؛ علي أستطيع أن أنفخ على رماد يأسهم ، ربما وجدت بقايا جمرة الإرادة فتشتعل لتنير فؤاد الشاب فيرى من مكنوناته ما هو نافع حتى يتمسك به و يجعل به من نفسه شيئا جديدا نابضا بالحياة …يساعده على خوض بحر الحياة بعقل وحكمة.
ذلك أن ما في باطن عقول شبابنا أكثر ما تحويه الأراضي العربية من خيرات و ثروات ؛لأن العقل البشري هو الذي خرق الأرض و جعل فيها أنفاقا وارتقى إلى السماء و حلق فوق الغمام و ربط بالجسور بين الجبال الشاهقات و سار في البحر بأوزان ثقال كما كشف أعماقه …
و قد وجدت في واقع الشباب أطراف ثلاث: المجتمع بما فيه الأسرة وكذا الجمعيات ؛ الإدارة و ما تمثله من سلطة ، و الشاب وأعني إرادته فاكتفيت بالحديث عن الشاب وما يحمله من عقل و إرادة بعد أن قطعت العزم على عدم الحديث عن الطرفين الآخرين إلا في هذه الأسطر:
……………..………….المجتمع والإدارة………………….
إن الحديث عن حل مع مجتمع وإدارة لم تمر بما بمر به الشباب اليوم هو كطلب شيء من فاقده ، ولنا في قول سيدنا علي حكمة "ربوا أبنائكم على زمان غير زمانكم" فتجدهم يعملون عل دفع الشاب دفعا متهورا لا محاورة و تفهم مما يؤدي به إلى فعل متهور...بل زادوهم غرقا في بحر الهموم و حركوا فيهم دوافع الهرب و الكسب غبر المشروع لغياب ثقافة الحوار و تفهم حال المراهق و كيفية ترشيده؛هذا عن الأسرة أما الإدارة و المتمثلة في المسؤولين فأغلبهم لم يعرف البطالة و أفاتها و هم أكثر اتهاما للشاب وواقعه ، علما أنهم سمعوا عن الحراقة وجثثهم، و إنتحارات الشباب وموتهم بأزمات القلب في مقتبل العمر فأغلب المسؤولين ليس لهم أذانا يسمعون بها و إن كان لهم سمع فلا قلوب يفقهون بها ودليل ذلك أنه قد مضى من الوقت دهرا لم يعبأ أحد بواقعهم ؛وإن وجدت من يسمعك و خاصة في أيامنا بعد أن أرغموا على السماع لأصوات الشباب ؛لا تجد هم يبحثون عن حلول يفاجئوننا بها ولا مشاريع جدية لتوعيتهم بعيدا عن مهرجانات الترفيه و لا جديد عندهم ينفع بل سيسوا قضايا الشباب وتقلدوا بها الرتب و اكتسبوا بها نقاط …….و إن وجدت من يسمعك بأذنيه وقلبه فاعلم أنه شخص واحد هو الوحيد الذي نبه لواقعهم وتفطن لحالهم ولم يرضه لهم هو الرئيس ولا حديث لي عنه إلا ما يعرفه الجميع من حكمته وعقله و بصيرته...لذا توجب تدافر الجهود من أجل إنقاذ الشباب من فكي العولمة قبل فوات الأوان …
لذا رأيت ، أن ينفض الشاب يديه من انتظار من يتكفل به أو يعبأ به لأن صفة التكفل تلغي صفة الشاب بل هو من يجب أن يكفل وليس العكس.
- إذن هل فتش الشاب في قدراته وهل علم ميولاته غير تلك الميولات التي تنقاد وراء العولمة انقياد الدابة وراء غرائزها ، فشبابنا مازال يتبع و يقلد حتى اختلط عليه ما يجب أن يكون عليه إذ مازالت العولمة تندفع بمؤسساتها نحو التطور المتزايد الإيجابي في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية و السياسية فنجد الشباب ينقاد فقط وراء مظاهرها وسلبياتها ، و الحقيقة أنه لا يتبع إلا كسلا وضعفا ...
و هل رأيت شوارعنا كم امتلأت ممن يحملون قوالب غير حقيقية و حديثهم لا يشمل إلا الجدال بغير علم
و السخرية و النميمة و الجري وراء الموضات ..و أي موضات ... .
................................المطالعة ...بحث عن ذاتك...................................................
كيف يسمح الشاب لنفسه أن يتكلم كل هذا الكلام و بالكمية التي نراها اليوم في شوارعنا وتجمعاتنا و حتى في الجامعات والمعاهد دون علم ولا دراية ، إذ لا يكاد أحد يحمل كتابا من غير كتبه الدراسية ولا يشاهد قنوات ثقافية غير التي تلهي و تغري ...إنا واقعنا مر و نحن السبب فيه.....ما دخلنا شيئا أو أدخلناه إلا أفسدناه....
في الأنترنات رغم ما تحتويه من علم ومعرفة إلا أن شبابنا في غرف الشات لا تجد لهم كلمة نظيفة تقال ولا حوار جاد ، بل أشياء تعبر عن حالنا...دردشات يعلمها الجميع ، كان بإمكاننا أن نستغل هذه الشبكة فيما هو أهم.
الهواتف النقالة إنها إختصار لزمان و المكان فهل وجدنا فيها غير الصور والأفلام التي نسمع ونرى........
إننا لا نستطيع التحكم بشكل جيد في كل ما يعود علينا بالنفع حتى ديننا ألم يجرح به في عصرنا ما لم يشهد في عصور سالفة لأننا لا نكاد ننجر إلا وراء التعصب للأفكار و حب إظهار المعرفة لا المعرفة ذاتها و هم دمى يحركها أشباه العلماء .....
حتى الكتب المدرسية ألم يشتكي البعض ثقلها مما يعطينا فكرة على تعاملنا مع الكتاب الذي أضحى يشبه القفة إن ثقلت أشمأز منها دافع ثمنها وشتان بينهما....
إن كل أدوات المطالعة و الثقافة (مسرح ....إلخ) لا نستعملها ، فهل أجابني أحد لماذا لا نسمع الإذاعات المسموعة راديو مثلا رغم ما فيها من مسابقات فكرية و معلومات جديدة ...ذلك أن ليس بها صور تبث ولا أرقام لفتيات تظهر.
حتى الجرائد فكثير ما تجد بعضنا يتصفحها في ثواني رغم ما تحويه من مقالات فكرية و أرقام و إحصاءات نافعة فلماذا لا يأخذ منها الحسن وينبذ ما يراه غير نافع..
إذن رغم كل ما تقدم ذكره فإنك تجد شبابنا يتحدث في جميع الميادين عن الذرة وأحوالها والسياسة وأغوارها وعن فن الحلاقة و عن الجزائرية الفحلة ...أكثر من ( Google) الذي إذا أعطيته كلمة للاستفسار أعطاك عليها صفحات...
إننا أمة لا تقرأ رغم أنه قيل لنبينا محمد صل الله عليه وسلم"إقرأ"؛بل أكثر من ذلك ندعي العلم
و المعرفة...
و أخيرا قد يسأل أحد كيف على الشاب أن يطالع ويهتم بالثقافة وهو في بحث دائم عن الخبزة و العمل
و بناء المستقبل و و و ، فأقول أن هذا هو عين الجهل إذ أن من يبحث عن نفسه بين الكتب ويتغذى بها عقله خير ممن يحاول ملأ بطنه، ثم أين هو الحرج فيما هو في بحثه عن العمل وبناء مستقبله هو في نفس الوقت يطالع الكتب و يبحث عن حزام عقله و من إدعى غير ذلك فليقل لي ما يفعل حين يشبع؟...
لذا أقول للشاب: طالع كل شيء رغم أنك لا تحب المطالعة لأنك ستحبها و ترغب فيها أكثر من شيء أخر لأن الكتاب أو أي أدوات المطالعة يعطينا ولا يأخذ منا ؛و لا نمارس معه هوايات النفس الدنيئة من نميمة واستهزاء و سخرية ....
و سيعرفك كتاب على كتاب؛ و عنوان عن عنوان حتى تجد ضالتك و ماهيتك و أين مجال إبداعك ؛لأن المطالعة تدخل الواقع و الخيال الحكمة و الذكاء القصص و....
إنه عالمك المنسي ؛فهل أجابني أحد عن مصدر الكم الهائل من الكلام في شوارعنا و ملتقياتنا ...هل هو علم لقن أم هو كذب وافتراء وإدعاء؟

و أتمنى أن نسمع في بلادنا الجزائر عن مشروع القراءة و المطالعة للجميع تفوق حملات الإنتخابات


من كتاب غير منشور" نظرات شاب جزائري "